- يخرج العارف من الدنيا ولم يقض وطره من شيئين: بكاؤه على نفسه، وثناؤه على ربه. ٦٠
٢- دافع الخطرة، فإن لم تفعل صارت فكرة، فدافع الفكرة، فإن لم تفعل صارت شهوة، فحاربها ، فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمة، فإن لم تدافعها صارت فعلا، فإن لم تتداركه بضده صار عادة، فيصعب عليك الانتقال عنها. ٦٠
٣- من خلقه الله للجنة، لم تزل هداياها تأتيه من المكاره، ومن خلقه للنار، لم تزل هداياها تأتيه من الشهوات. ٦١
٤- الذنوب جراحات، ورب جرح وقع في مقتل. ٧٠
٥- دخلت دار الهوى فقامرت بعمرك. ٧٠
٦- إذا عرضت نظرة لا تحل؛ فاعلم أنها مسعر حرب، فاستتر منها بحجاب (قل للمؤمنين …) فقد سلمت من الأثر (وكفى الله المؤمنين القتال). ٧٠
٧- لما رأى المتيقظون: سطوة الدنيا بأهلها، وخداع الأمل لأربابه، وتملك الشيطان قياد النفوس، ورأوا الدولة للنفس الأمارة؛ لجؤوا إلى حصن التضرع والالتجاء، كما يأوي العبد المذعور إلى حرم سيده ٧٩
٨- العمل بغير إخلاص ولا اقتداء، كالمسافر يملأ جرابه رملا يثقله ولا ينفعه.٨١
٩- لص الحرص لا يمشي إلا في ظلام الهوى .٨٢
١٠- الدنيا جيفة، والأسد لا يقع على الجيف. ٨٥
١١- الدنيا مجاز، والآخرة وطن، والأوطار إنما تطلب في الأوطان. ٨٥
١٢-فرغ خاطرك للهم بما أمرت به، ولا تشغله بما ضمن لك؛ فإن الرزق والأجل قرينان مضمونان؛ فما دام الأجل باقيا، كان الرزق آتيا، وإذا سد عليك بحكمته طريقا من طرقه، فتح لك برحمته طريقا أنفع لك منه … والعبد -لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه- لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ادخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليا.٩٣
١٣- أصول الخطايا كلها ثلاثة: الكبر … والحرص … والحسد ٩٤
١٤- شراب الهوى حلو، ولكنه يورث الشرق. ١١٠
١٥- إطلاق البصر ينقش في القلب صورة المنظور، والقلب كعبة، والمعبود لا يرضى بمزاحمة الأصنام. ١١٠
١٦- ليس العجب من قوله:(يحبونه)، وإنما العجب من قوله: (يحبهم) ١١٢
١٧- لو عرفت قدر نفسك عندنا، ما أهنتها بالمعاصي، إنما أبعدنا إبليس إذ لم يسجد لك، وأنت في صلب أبيك، فوا عجبا! كيف صالحته وتركتنا؟! ١٢٥
١٨- وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما *** تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم 139
١٩- فالمراتب [أي: مراتب الشكوى] ثلاثة: أخسها أن تشكو الله إلى خلقه، وأعلاها: أن تشكو نفسك إليه، وأوسطها: أن تشكو خلقه إليه. ١٤٠
٢٠- كما أن البدن إذا مرض، لم ينفع فيه الطعام والشراب، فكذلك القلب إذا مرض بالشهوات، لم تنجع فيه المواعظ. ١٤٥
٢١- إذا غذي القلب بالتذكر، وسقي بالتفكر، ونقي من الدغل -أي:الفساد- رأى العجائب، وألهم الحكمة. ١٤٥
٢٢- للقلب ستة مواطن يجول فيها لا سابع لها؛ ثلاثة سافلة، وثلاثة عالية: فالسافلة: دنيا تتزين له، ونفس تحدثه، وعدو يوسوس له. فهذه مواطن الأرواح السافلة التي لاتزال تجول فيها. والثلاثة العالية: علم يتبين له، وعقل يرشده، وإله يعبده. والقلوب جوالة في هذه المواطن. ١٥٦
٢٣- وكن في الجانب الذي فيه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإن كان الناس كلهم في الجانب الآخر … وليس شيء أصعب على الإنسان من ذلك في مبادئ الأمر، فإن نفسه، وهواه، وطبعه، وشيطانه، وإخوانه، ومعاشريه من ذلك الجانب يدعونه إلى العاجل؛ فإذا خالفهم، تصدوا لحربه، فإن صبر وثبت، جاءه العون من الله، وصار ذلك الصعب سهلا، وذلك الألم لذة … ولا تستصعب مخالفة الناس والتحيز إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولو كنت وحدك، فإن الله معك، وأنت بعينه وكلاءته وحفظه لك، وإنما امتحن يقينك وصبرك.١٧٥-١٧٦
٢٤- قال الله تعالى:(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم) … فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب،والمحبوب قد يأتي بالمكروه؛لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة،ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة؛لعدم علمه بالعواقب؛فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد.٢٠٣
٢٥- وخاصية العقل تحمل الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير، واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبها من الألم العظيم والشر الطويل … فيرى المناهي كطعام لذيذ قد خلط فيه سم قاتل، فكلما دعته لذته إلى تناوله، نهاه ما فيه من السم، ويرى الأوامر كدواء كريه المذاق مفض إلى العافية والشفاء، وكلما نهاه كراهة مذاقه عن تناوله، أمره نفعه بالتناول.٢٠٣-٢٠٤
٢٦- والله سبحانه أخبر عن الأرض بأنها تكون خاشعة، ثم ينزل عليها الماء، فتهتز وتربو وتأخذ زينتها وبهجتها؛ فكذلك المخلوق منها إذا أصابه حظه من التوفيق.
وأما النار، فطبعها العلو والإفساد، ثم تخمد فتصير أحقر شيء وأذله، وكذلك المخلوق منها؛ فهي دائما بين العلو إذا هاجت واضطربت، وبين الخسة والدناءة إذا خمدت وسكنت.١٢١
٢٧- أركان الكفر أربعة: الكبر، والحسد، والغضب، والشهوة؛ فالكبر يمنعه الانقياد، والحسد يمنعه قبول النصيحة وبذلها، والغضب يمنعه العدل، والشهوة تمنعه التفرغ للعبادة… وزوال الجبال عن أماكنها أيسر من زوال هذه الأربعة عمن ابتلي بها … وكلما اجتهد في العمل؛ أفسدته عليه هذه الأربعة، وكل الآفات متولدة منها. ٢٣١
٢٨- السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمرها، فمن كانت أنفاسه في طاعة، فثمرة شجرته طيبة، ومن كانت في معصية، فثمرته حنظل، وإنما يكون الجذاذ [أي: القطع والقطف والحصاد] يوم المعاد، فعند الجذاذ يتبين حلو الثمار من مرها. ٢٣٩
٢٩- وإن..سار ناظرا إلى مراد الله منه وما يحبه منه؛ بحيث يكون عبده الموقوف على محابه ومراضيه أين كانت وكيف كانت؛ تعب بها أو استراح، تنعم أو تألم، أخرجته إلى الناس أو عزلته عنهم، لا يختار لنفسه غير ما يختاره له وليه وسيده، واقف مع أمره ينفذه بحسب الإمكان، ونفسه عنده أهون عليه أن يقدم راحتها ولذتها على مرضاة سيده وأوامره؛ فهذا هو العبد قد وصل ونفذ ولم يقطعه عن سيده شيء ألبتة.٢٤٩
٣٠- من الآفات الخفية العامة أن يكون العبد في نعمة أنعم الله بها عليه واختارها له، فيملها العبد ويطلب الانتقال منها إلى ما يزعم لجهله أنه خير له منها، وربه برحمته لا يخرجه من تلك النعمة ويعذره بجهله وسوء اختياره لنفسه، حتى إذا ضاق ذرعا بتلك النعمة وسخطها وتبرم بها واستحكم ملله لها، سلبه الله إياها، فإذا انتقل إلى ما طلبه، ورأى التفاوت بين ما كان فيه وما صار إليه، اشتد قلقه وندمه وطلب العودة إلى ما كان فيه.٢٥٩
٣١- الناس منذ خلقوا لم يزالوا مسافرين، وليس لهم حط رحالهم إلا في الجنة أو النار. والعاقل يعلم أن السفر مبني على المشقة وركوب الأخطار، ومن المحال عادة أن يطلب فيه نعيم ولذة وراحة، إنما ذلك بعد انتهاء السفر. ٢٧٢
٣٢- [من مداخل الشيطان على القلب] الغفلة؛ فإن الذاكر في حصن الذكر، فمتى غفل، فتح باب الحصن، فولجه العدو، فيعسر عليه أو يصعب إخراجه. ٢٧٣
٣٣- وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلب اللسان، وكان من الأذكار النبوية، وشهد الذاكر معانيه ومقاصده.٢٧٥
٣٤- *حسن الظن بالله لقاح الافتقار والاضطرار إليه؛ فإذا اجتمعا أثمرا إجابة الدعاء.
*الصبر لقاح اليقين؛ فإذا اجتمعا أورثا الإمامة في الدين، قال تعالى:(وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون){السجدة:٢٤}
*النصيحة لقاح البصيرة؛ فكلما قويت النصيحة أنتجا الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة.
*ولقاح الهمة العالية النية الصحيحة، فإذا اجتمعا بلغ العبد غاية المراد. ٢٨٣-٢٨٤
٣٥- للعبد بين يدي الله موقفان: موقف بين يديه في الصلاة، وموقف بين يدين يوم لقائه.
فمن قام بحق الموقف الأول، هون عليه الموقف الآخر، ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفه حقه، شدد عليه ذلك الموقف قال تعالى:( ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون ورآءهم يوما ثقيلا)٢٨٥
٣٦- اللذة من حيث هي مطلوبة للإنسان ولكل حي،فلا تذم من جهة كونها لذة، وإنما تذم ويكون تركها خيرا من نيلها وأنفع إذا تضمنت فوات لذة أعظم منها وأكمل أو أعقبت ألما حصوله أعظم من ألم فواتها؛ فها هنا يظهر الفرق بين العاقل الفطن والأحمق الجاهل