السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
فوائد الذِّكر
قال الله تعالى ((واذكروا الله كثيرا ))
وقال تعالى ((ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما ) الاحزاب : 35
ذكر الامام ابن القيِّم رحمه الله تعالى أنَّ في الذِّكر أكثر من مائة فائدة
وهذه بعض الفوائد التي تتعلَّق بالقلب :
الأولى: أنه يزيل الهم والغم عن القلب.
الثانية: أنَّه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط.
الثالثة: أنَّه يقوى القلب والبدن.
الرابعة: أنَّه ينوِّر الوجه والقلب.
الخامسة: أنَّه يورثه الهيبة لربه وإجلاله لشدة استيلائه على قلبه، وحضوره مع الله بخلاف الغافل فإنَّ حجاب الهيبة رقيق في قلبه.
السادسة : أنَّه يورث حياة القلب وسمعت شيخ الاسلام ابن تيمية قدس الله تعالى روحه يقول : الذِّكر للقلب مثل الماء للسمك فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء ؟.
السابعة : أنَّه قوت القلب والروح فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته.
الثامنة : أنَّه يورث جلاء القلب من صداه، وصدأ القلب الغفلة والهوى وجلاؤه الذِّكر والتوبة والاستغفار .
التاسعة: في القلب خلَّة وفاقه لا يسدَّها شيء البتة إلا ذكر الله u فإذا صار شعار القلب بحيث يكون هو الذاكر بطريق الأصالة واللسان تبع له فهذا هو الذِّكر الذي يسدُّ الخلَّة ويفني الفاقة فيكون صاحبه غنياً بلا مال، عزيزاً بلا عشيرةٍ، مهيباً بلا سلطان، فإذا كان غافلاً عن ذكر الله فهو بضدِّ ذلك، فقيرٌ مع كثرة جِدَته، ذليلٌ مع سلطانه، حقيرٌ مع كثرة عشيرته .
العاشرة: أنَّ الذِّكر يجمع المتفرِّق، ويفرِّق المجتمع، ويقرِّب البعيد، ويبعد القريب. فيجمع ما تفرَّق على العبد من قلبه وإرادته وهمومه وعزومه، والعذاب كلّ العذاب في تفرقتها وتشتتها عليه، وانفراطها له، والحياة والنعيم في اجتماع قلبه وهمه وعزمه وإرادته، ويفرِّق ما اجتمع عليه من الهموم والغموم والأحزان والحسرات، على فوت حظوظه ومطالبه، ويفرِّق أيضاً ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره، حتى تتساقط عنه وتتلاشى وتضمحلّ، ويفرِّق أيضاً ما اجتمع على حربه من جند الشيطان، فإنَّ إبليس لا يزال يبعث له سرية، وكلَّما كان أقوى طلباً لله i وأمثل تعلقاً به وإرادة له كانت السرية أكثف وأكثر وأعظم شوكة، بحسب ما عند العبد من مواد الخير والإرادة ولا سبيل إلى تفريق هذا الجمع إلا بدوام الذِّكر.
وأما تقريبه البعيد فإنَّه يقرب إليه الآخرة التي يبعدها منه الشيطان والأمل، فلا يزال يلهج بالذِّكر حتى كأنَّه قد دخلها وحضرها، فحينئذ تصغر في عينه الدنيا وتعظم في قلبه الآخرة، ويبعد القريب إليه وهي الدنيا، التي هي أدنى إليه من الآخرة، فإنَّ الآخرة متى قربت من قلبه بعدت منه الدنيا، كلما قربت منه هذه مرحلة بعدت منه هذه مرحلة، ولا سبيل إلى هذا إلا بدوام الذِّكر.
الحادية عشرة: أنَّ الذِّكر ينبه القلب من نومه ويوقظه من سِنته، والقلب إذا كان نائماً فاتته الأرباح والمتاجر، وكان الغالب عليه الخسران، فإذا استيقظ وعلم ما فاته في نومته شدَّ المئزر وأحيا بقية عمره، واستدرك ما فاته ولا تحصل يقظته إلا بالذِّكر فإنَّ الغفلة نومٌ ثقيلٌ.
الثانية عشرة: أنَّ في القلب قسوةٌ لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى، فينبغي للعبد أن يداوي قسوة قلبه بذكر الله تعالى. وذكر أنَّ رجلاً قال للحسن : يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلب قال : أذبه بالذِّكر.
وهذا لأنَّ القلب كلَّما اشتدت به الغفلة اشتدت به القسوة، فإذا ذكر الله تعالى ذابت تلك القسوة، كما يذوب الرصاص في النار، فما أذيبت قسوة القلوب بمثل ذكر الله .
الثالثة عشرة: أنَّ الذِّكر شفاء القلب ودواؤه، والغفلة مرضه، فالقلوب مريضةٌ وشفاؤها دواؤها في ذكر الله تعالى. قال مكحول : ذكر الله تعالى شفاءٌ وذكر الناس داءٌ.
الرابعة عشرة: أنَّ ذكر الله يُذهب عن القلب مخاوفه كلَّها، وله تأثيرٌ عجيبٌ في حصول الأمن، فليس للخائف الذي قد اشتدَّ خوفه أنفع من ذكر الله إذ بحسب ذكره يجد الأمن ويزول خوفه حتى كأن المخاوف التي يجدها أمانٌ له، والغافل خائفٌ مع أمنه، حتى كأنَّ ما هو فيه من الأمن كله
اللهم اعفوا عنا واغفر لنا وارحمنا واكرم نزلنا وادخلنا مدخل صدق واخرجنا مخرج صدق
تحياتي
كيوت